النباتات المعدلة وراثيا "تقاوم" الآفات الحشرية!
رغم أن العديد من الأبحاث والدراسات الزراعية والصحية حذرت من مخاطر النباتات المعدلة وراثيا، إلا أن التوسع في إنتاج هذه النباتات ما زال في اطراد مستمر، حيث تدل الإحصائيات أن مقدار الازدياد في الرقعة الزراعية المخصصة لهذه النباتات قد زاد بمقدار 13 % مقارنة بالعام الماضي.
ويحتل فول الصويا المعدلة وراثيا نصف مساحة الأراضي المزروعة بنسبة بلغت 57 %، تليه الذرة بنسبة 25% ثم القطن بنسبة 13% فالأرز والقرع، وقد شهدت الهند أكبر توسع في زراعة المحاصيل المعدلة وراثيا حيث تمت مضاعفة مساحة الأراضي المخصصة لهذه النباتات بمعدل ثلاث مرات، تليها كل من جنوب إفريقيا بزيادة مقارها 180 % ثم الفلبين بزيادة مقدارها 100 %.
إن التوسع المطرد في زراعة النباتات المعدلة وراثيا بالرغم من التحذيرات المتكررة حول مخاطرها المحتملة على البيئة وعلى الصحة العامة، يعزو إلى الإنتاجية العالية لهذه النباتات وقدرتها الفائقة على مقاومة الآفات الزراعية والمبيدات الحشرية وبالتالي تتمكن هذه النباتات من تلبية جانب كبير من الاحتياجات الغذائية اليومية المطردة للإنسانية بسبب الانفجار السكاني وانتشار الكثير من الأوبئة الزراعية، وتراجع الأراضي المخصصة للزراعة بسبب استغلالها في الأغراض الصناعية والسكنية.
وتجدر الإشارة إلى أن الفوائد الاقتصادية المتراكمة منذ عام 1996 وحتى عام 2005 من زراعة هذه المحاصيل المعدلة وراثيا قد بلغ 27 مليار دولار، وأن عدد المزارعين الذين يزرعون هذه النباتات قد بلغ أكثر من عشرة ملايين مزارع، وأن 90 % من هؤلاء المزارعين هم من دول نامية أو فقيرة أو مكتظة بالسكان، كالصين والفلبين والهند وبعض دول أمريكا اللاتينية.
التعديل الوراثي
التعديل الوراثي ـ حسب التعريفات العلمية ـ هو إدخال صفات وراثية جديدة على صنف ما من النباتات باستخدام التقنيات البيولوجية "الحيوية" يحسن من نوعية وجودة المنتج الزراعي، فمثلا تضاف جينات بعض النباتات سريعة النمو إلى النباتات بطيئة النمو بهدف زيادة كمية الإنتاج. هذا وقد كان أول نبات تجرى عليه عملية التعديل الوراثي هي الطماطم ويتمثل هدف التعديل في إطالة فترة نضجها وعدم فسادها في وقت سريع.
الفرق بين النباتات المعدلة وراثيا وبين النباتات العادية أن النباتات العادية هي النباتات التي تزرع بصورة عادية وتكون طبيعية 100% حتى وإن هجّنت مع أصناف أخرى بهدف تحسين الإنتاج، أما النباتات المعدلة وراثيا فيتم باستخدام أحدث التكنولوجيا المتوصل إليها في عالم الهندسة الوراثية ونقل الجينات المطلوب نقل صفاتها من صنف إلى آخر بواسطة بعض أنواع البكتيريا أو بما يعرف بقاذف الجينات البيولوجي.
ومن أبرز الأمثلة على التحسينات التي يقوم بها التعديل الوراثي: إنتاج محصول أكبر من النباتات التي لم تعدل وراثيا وإنتاج أنواع من الأرز مثلا تحتوي على البروتينات الموجودة في الفول. غير أن العديد من الخبراء لا يؤيدون فكرة التعديل الوراثي على النباتات حيث يقولون إن أضرار هذه النباتات المعدلة وراثيا لا تظهر على الفرد مباشرة بعد أكلها بل تتأخر أعراضها إلى فترات طويلة نسبيا قد تمتد إلى سنوات.
وذكر الدكتور أمجد قاسم "كاتب علمي" في دراسة له أنه في عام 2004 أصدرت الجمعية الطبية البريطانية تقريرا مفصلا حول مخاطر هذه الأطعمة المعدلة وراثيا، وأشار التقرير بشكل صريح إلى أن تناول هذه الأطعمة يمكن أن يحدث لدى الإنسان ردود فعل تحسسية خطيرة، وأضاف التقرير أن المعلومات المتوفرة حول مخاطر هذه الأطعمة على صحة الإنسان سواء على المدى الزمني المتوسط أو على المدى الزمني الطويل غير متوفرة.
الهندسة الوراثية
تعرف الهندسة الجينية بأنها التقنية التي تمكن العلماء والباحثين من تغيير تركيب السلسلة الوراثية للكائن الحي، فمن خلال تغيير التركيب الجيني أو من خلال عملية حقن ومزج جينات أحد الأجناس في جينات جنس آخر، مما يؤدي إلى استحداث كائنات حية جديدة محورة جينيا، ومن الأمثلة على ذلك مزج جينات بعض الأسماك في نبات الطماطم وجينات بشرية في الأرز، ولكن أهم هذه الإنجازات تمت في عالم النباتات، ويكون الهدف منها إنتاج نباتات قادرة على إعطاء كميات وافرة من المحاصيل والثمار والبذور ولها القدرة على مكافحة الآفات الزراعية ويمكن أن تنمو في بيئات مناخية متطرفة كما تقاوم مبيدات الأعشاب الضارة بالنباتات.
لقد أُطلق على عملية نسخ وتعديل وزرع الجينات اسم الهندسة الوراثية وهو اسم عام لا يحدد فكرة معينة أو تقنية محددة، ولكنه يعني بكل ما يقام به في تغيير أو تعديل المادة الوراثية. ويتفرع من هذا العلم الكثير من التقنيات وهي متناثرة وموزعة على الكثير من فروع الطب والعلوم، ومن أهمها ست تقنيات تختص بالهندسة الوراثية:
- قص وقطع الحمض النووي بمقصاة خاصة تسمى "Restriction Nucleases " واكتشاف هذه المقصاة ساعد كثيرا في مهمة التحكم في الدي إن أي.
- فصل قطع "الدي إن أي" على لوح من الجل بالكهرباء "Gel Electrophoresis".
- معرفة التسلسل النووي "DNA sequencing" لكل قطع الدي إن أي التي يتم عزلها بشكل سريع و دقيق.و التي تسمح للعلماء معرفة التركيب الإنشائي للجينات ومعرفة واستنتاج نوع البروتين الذي ينتج منه.
4- تقنية تهجين الحمض النووي "Nucleic acid hybridization "، والتي مكنتنا من معرفة أحجام القطع من الحمض النووي والكشف عن القطع المحددة من الحمض النووي في خليط معقد من القطع المتشابهة.
5-استنساخ "الدي إن أي" "DNA cloning"، والتي تسمح بإنشاء نسخ عديدة و متطابقة من القطع الدي إن أي.
6-تقنية هندسة أو تعديل "الدي إن أي" "DNA engineering"، والتي تسمح بإنتاج نسخة معدلة من جين ما ثم إعادته مرة أخرى إلى الخلية.
وبالإضافة لمخاطر هذه الكائنات المعدلة وراثيا على الإنسان في حال تناوله لغذاء يحتوي عليها، فإن العلماء يؤكدون أن المشكلة أكبر من ذلك بكثير، فهذه الكائنات والنباتات المعدلة يمكن أن تنتشر في الطبيعة وتتهاجن مع كائنات طبيعية أخرى، مما يؤدي إلى نشأة أنواع جديدة من المخلوقات لا يمكن التكهن بتأثيرها على التوازن الطبيعي، وهذا سيخلف تأثيرات غير متوقعة على صحة البشر وعلى بقية الكائنات الحية الأخرى الحيوانية والنباتية.
تأثيرات خطيرة
شهد العقد الأخير من القرن الماضي ظهور هذه الأغذية بشكل كبير وعلى نطاق عالمي، وقد علل القائمون على إنتاج مثل هذه الأغذية بقولهم أن نقص الغذاء عالميا يتطلب زراعة نباتات معدلة وراثيا، فتم إنتاج بعض الحبوب المعدلة وراثيا كالأرز والبازلاء والقمح والذرة والتي تبين لاحقا أنها يمكن أن تشكل خطرا على من يتناولها.
ففي شهر تشرين الثاني / نوفمبر 2005، أكد فريق للأبحاث في أستراليا أن تناول فئران الاختبار لحبوب البازلاء المعدلة جينيا أدى إلى إحداث ردود فعل تحسسية لديها، والسبب المباشر في ذلك يعزى إلى وجود تغيرات طفيفة على البروتين المعدل جينيا.
وفي عام 2006 تمت الموافقة من قبل اللجنة الأوروبية على إنتاج الذرة الصفراء المهندسة وراثيا والتي عرفت باسم "مون 863" وهي في الأصل من ابتكار إحدى الشركات الأمريكية المتخصصة في التكنولوجيا الحيوية في مونسانتو، ومما يثير الدهشة أن التجارب التي أجريت على هذه الذرة بينت أن فئران الاختبار التي تناولتها قد أظهرت تغيرات في كريات الدم البيضاء لديها وفي حجم الكلى وحدوث تغيرات فسيولوجية في أداء بعض أجهزة جسمها الحيوية والهامة.
وتوالت التجارب والأبحاث، ليتم الكشف عن وجود أحد السموم المعروف باسم cry 1 Ac في أرز مهندس وراثيا يطلق عليه Bt 63، وهذا السم له تأثيرات خطيرة على الفئران ويتوقع الباحثون أن تكون له تأثيرات على الجهاز المناعي لدى الإنسان.
غير أنه بناءً على معلومات قطرية وردت من عدة مصادر، بالاضافة الى المعلومات العلمية المتاحة حاليا، فإن كل من منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية وبرنامج الأغذية العالمي ترى أن استهلاك الأغذية التي تحتوي على كائنات عضوية معدلة وراثياً، ويتم تقديمها كمعونات غذائية فى جنوب القارة الأفريقية، لا تشكل خطراً على صحة الإنسان، لذا فانه في الامكان تناولها. وتؤكد المنظمات المذكورة أنه لم تبلغ بأي من الحالات الموثقة علمياً ما يشير إلى حصول تأثيرات سلبية لهذه الأغذية على صحة الإنسان.
وقد أسالت مشكلة صحة الأغذية المعدلة وراثية الكثير من الحبر وصدرت العديد من الدراسات في شأنها، ومن جهته، أصدر الدكتور عبد العزيز بن إبراهيم العثيمين كتابا تحت عنوان : "الأغذية المعدلة وراثيًا... ما لها وما عليها" وقامت بتوزيعه المجلة العربية التي تصدر في الرياض بالسعودية في مارس/ آذار 2008، حيث قام الباحث بتعريف الهندسة الوراثية وبيّن أنها تعني توفير أغذية جديدة بمواصفات استثنائية تشمل تعزيز القيمة الغذائية والجودة باستخدام تقنيات علم الأحياء وهندسة الجينات، حيث نجد أغذية وفيرة كمًا وكيفًا ومقاومة للآفات الحشرية وعوامل البيئة التي تفتك بالغذاء وتتسبّب في مجاعات عالمية مازالت صورها واضحة في إفريقيا وآسيا والعديد من دول العالم، حيث إن هناك 28 مليون إفريقي يعانون من نقص الغذاء.
إذ تقدر كل من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "فاو" وبرنامج الأغذية العالمي أن 13 مليون شخص في إفريقيا بحاجة إلى معونات غذائية في الأشهر القادمة لتفادي وقوع مجاعة واسعة النطاق ناهيك عن التدهور الخطير في الحالة الصحية والغذائية لسكان البلدان المتضررة.
ثم يُورد الباحث الآراء في الأغذية المعدلة وراثيًا ويُبيّن أن تقرير الأمم المتحدة أكّد أن التكنولوجيا الحيوية تُعدّ الأداة الوحيدة والأمثل في الوقت الحالي لمساعدة المناطق البيئية التي لم تصلها الثورة الخضراء التي يعيش فيها نصف سكان العالم الأكثر فقرًا، كما قال التقرير: "إن النباتات الجديدة المعدلة وراثيًا المحاربة للجفاف والأمراض والآفات" يمكن أن تسهم في انحسار سوء التغذية الذي يعاني منه 800 مليون شخص في العالم، وأضاف التقرير الذي يعد من أهم منشورات برامج الأمم المتحدة للتنمية أن الأولوية يجب أن تعطي لإنتاج أنواع جديدة من الحبوب والنباتات الأخرى الأساسية التي يعيش عليها سكان إفريقيا جنوب الصحراء.
وخلُص التقرير إلى قدرة الدول الغنية على مساعدة الدول الفقيرة عبر مشاطرتها نتائج أبحاثها، مشيرًا إلى بروتوكول قَرْطاجَنَّة حول الأمن الحيوي أوجد آلية تتيح للدول تبادل المعلومات حول النباتات المعدلة وراثيًا. ومن المعلوم أنه قد وقّع على البروتوكول حتى الآن 103 دولة، ولكن لم تُصَادق عليه سوى خمس دول، في حين يحتاج إلى تصديق خمسين منها ليصبح ساري المفعول، وقد شككت إدارة المستهلكين الأمريكيين في قدرة إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية على ضمان سلامة الأغذية المعدلة وراثيًا بعد أن عبّرت عن عجزها في توفير جميع البيانات من شركات التكنولوجيا الحيوية.
وقال مركز العلوم والمصلحة العامة: إن شركات التكنولوجيا الحيوية رفضت تقديم البيانات العلمية التي طلبتها الإدارة عن مجموعة من أنواع الذرة المعالجة وراثيًا لمقاومة الحشرات، ويقول المسؤول العلمي في المركز ومعدّ التحليل: "إنه لا يمكن لإدارة الأغذية والعقاقير بمقتضى الإجراءات القانونية سوى الحصول على البيانات التي تسمح لها الشركات بالحصول عليها، أما عن أخطار الأغذية المعدلة وراثيًا وطرق تلافيها فيقرّر الباحث أنه لم يتضح خطر واضح على الصحة العامة".
ولكن يشير بعض الباحثين وتقارير بعض الهيئات إلى أن هناك احتمالاً لانتقال بعض المورثات من المحاصيل المعدلة وراثيًا إلى المحاصيل المشابهة الطبيعية، وهذا قد لا يكون محكومًا من قبل الشركات المنتجة كما أن عملية نقل الجينات الحاملة لصفة مقاومة للمضادات الحيوية بواسطة بعض أنواع البكتيريا الممرضة قد يجعلها أكثر خطرًا إلا أن ذلك لم يثبت علميًا بعدُ إلا أن المعامل قد أخذت الحيطة حيال ذلك.
رقابة دولية
لتلافي المشكلات الصحية التي تنتج عن المحاصيل المحورة وراثيًا تفرض الهيئات الحكومية في أمريكا وأوروبا على الشركات المنتجة فصلَ المحاصيل العادية والمعدلة وراثيًا ووضع علامات على المنتجات المستجدة، وقد أصدرت كثير من الدول تشريعات وتنظيمات لاستيراد واستخدام وتسويق الأغذية المعدلة وراثيًا.
كما بيّن الباحث أن هناك أكثر من 40 نوعًا من النباتات المعدلة قد استكملت المتطلبات والشروط الحكومية الرسمية لطرحها تجاريًا مثل الطماطم والشمَّام والبنجر وفول الصويا والذرة، وأن هناك ثلاثة عشر بلدًا بدأت بزراعة محاصيل معدلة بالهندسة الوراثية عام 2000، منها الولايات المتحدة الأمريكية والأرجنتين وكندا والصين واستراليا وبلغاريا وفرنسا وألمانيا والمكسيك وجنوب إفريقيا وإسبانيا.
أما عن القوانين المنظمة لاستخدام المحاصيل المعدلة وراثيًا، فقد أورد الباحث بعض مواقف الدول فتكلَّم عن موقف الاتحاد الأوروبي، وبيَّن أنه وافق على تسويق عدد من الأغذية المعدلة وراثيًا بلغ عددها ثمانية منتجات حتى عام 1988، فيما سمحت الصين وأستراليا بتسويق 22 مادة غذائية محتوية على مواد من محاصيل معدلة وراثيًا، بينما تحاول جنوب إفريقيا وأمريكا الجنوبية وضع مواصفات لبطاقات الأغذية المعدلة وراثيًا.
منذ إنتاج أول نبات معدل وراثيا وإلى الآن لم تظهر أخطار واقعية من نتائج تجارب تقرير الصلاحية. ولكن هناك مخاوف بيئية و صحية بعضها افتراضية، ولذا تم وضع الضوابط والنظم واللوائح التى تحكم تداول نباتات الهندسة الوراثية قبل و أثناء و بعد تعديلها. والتكنولوجيا الحيوية والهندسة الوراثية تستطيع القفز بمعدلات الإنتاج أضعاف الطرق التقليدية، بل وتحل مشاكل معقدة يصعب فك رموزها حاليا.
رغم أن العديد من الأبحاث والدراسات الزراعية والصحية حذرت من مخاطر النباتات المعدلة وراثيا، إلا أن التوسع في إنتاج هذه النباتات ما زال في اطراد مستمر، حيث تدل الإحصائيات أن مقدار الازدياد في الرقعة الزراعية المخصصة لهذه النباتات قد زاد بمقدار 13 % مقارنة بالعام الماضي.
ويحتل فول الصويا المعدلة وراثيا نصف مساحة الأراضي المزروعة بنسبة بلغت 57 %، تليه الذرة بنسبة 25% ثم القطن بنسبة 13% فالأرز والقرع، وقد شهدت الهند أكبر توسع في زراعة المحاصيل المعدلة وراثيا حيث تمت مضاعفة مساحة الأراضي المخصصة لهذه النباتات بمعدل ثلاث مرات، تليها كل من جنوب إفريقيا بزيادة مقارها 180 % ثم الفلبين بزيادة مقدارها 100 %.
إن التوسع المطرد في زراعة النباتات المعدلة وراثيا بالرغم من التحذيرات المتكررة حول مخاطرها المحتملة على البيئة وعلى الصحة العامة، يعزو إلى الإنتاجية العالية لهذه النباتات وقدرتها الفائقة على مقاومة الآفات الزراعية والمبيدات الحشرية وبالتالي تتمكن هذه النباتات من تلبية جانب كبير من الاحتياجات الغذائية اليومية المطردة للإنسانية بسبب الانفجار السكاني وانتشار الكثير من الأوبئة الزراعية، وتراجع الأراضي المخصصة للزراعة بسبب استغلالها في الأغراض الصناعية والسكنية.
وتجدر الإشارة إلى أن الفوائد الاقتصادية المتراكمة منذ عام 1996 وحتى عام 2005 من زراعة هذه المحاصيل المعدلة وراثيا قد بلغ 27 مليار دولار، وأن عدد المزارعين الذين يزرعون هذه النباتات قد بلغ أكثر من عشرة ملايين مزارع، وأن 90 % من هؤلاء المزارعين هم من دول نامية أو فقيرة أو مكتظة بالسكان، كالصين والفلبين والهند وبعض دول أمريكا اللاتينية.
التعديل الوراثي
التعديل الوراثي ـ حسب التعريفات العلمية ـ هو إدخال صفات وراثية جديدة على صنف ما من النباتات باستخدام التقنيات البيولوجية "الحيوية" يحسن من نوعية وجودة المنتج الزراعي، فمثلا تضاف جينات بعض النباتات سريعة النمو إلى النباتات بطيئة النمو بهدف زيادة كمية الإنتاج. هذا وقد كان أول نبات تجرى عليه عملية التعديل الوراثي هي الطماطم ويتمثل هدف التعديل في إطالة فترة نضجها وعدم فسادها في وقت سريع.
الفرق بين النباتات المعدلة وراثيا وبين النباتات العادية أن النباتات العادية هي النباتات التي تزرع بصورة عادية وتكون طبيعية 100% حتى وإن هجّنت مع أصناف أخرى بهدف تحسين الإنتاج، أما النباتات المعدلة وراثيا فيتم باستخدام أحدث التكنولوجيا المتوصل إليها في عالم الهندسة الوراثية ونقل الجينات المطلوب نقل صفاتها من صنف إلى آخر بواسطة بعض أنواع البكتيريا أو بما يعرف بقاذف الجينات البيولوجي.
ومن أبرز الأمثلة على التحسينات التي يقوم بها التعديل الوراثي: إنتاج محصول أكبر من النباتات التي لم تعدل وراثيا وإنتاج أنواع من الأرز مثلا تحتوي على البروتينات الموجودة في الفول. غير أن العديد من الخبراء لا يؤيدون فكرة التعديل الوراثي على النباتات حيث يقولون إن أضرار هذه النباتات المعدلة وراثيا لا تظهر على الفرد مباشرة بعد أكلها بل تتأخر أعراضها إلى فترات طويلة نسبيا قد تمتد إلى سنوات.
وذكر الدكتور أمجد قاسم "كاتب علمي" في دراسة له أنه في عام 2004 أصدرت الجمعية الطبية البريطانية تقريرا مفصلا حول مخاطر هذه الأطعمة المعدلة وراثيا، وأشار التقرير بشكل صريح إلى أن تناول هذه الأطعمة يمكن أن يحدث لدى الإنسان ردود فعل تحسسية خطيرة، وأضاف التقرير أن المعلومات المتوفرة حول مخاطر هذه الأطعمة على صحة الإنسان سواء على المدى الزمني المتوسط أو على المدى الزمني الطويل غير متوفرة.
الهندسة الوراثية
تعرف الهندسة الجينية بأنها التقنية التي تمكن العلماء والباحثين من تغيير تركيب السلسلة الوراثية للكائن الحي، فمن خلال تغيير التركيب الجيني أو من خلال عملية حقن ومزج جينات أحد الأجناس في جينات جنس آخر، مما يؤدي إلى استحداث كائنات حية جديدة محورة جينيا، ومن الأمثلة على ذلك مزج جينات بعض الأسماك في نبات الطماطم وجينات بشرية في الأرز، ولكن أهم هذه الإنجازات تمت في عالم النباتات، ويكون الهدف منها إنتاج نباتات قادرة على إعطاء كميات وافرة من المحاصيل والثمار والبذور ولها القدرة على مكافحة الآفات الزراعية ويمكن أن تنمو في بيئات مناخية متطرفة كما تقاوم مبيدات الأعشاب الضارة بالنباتات.
لقد أُطلق على عملية نسخ وتعديل وزرع الجينات اسم الهندسة الوراثية وهو اسم عام لا يحدد فكرة معينة أو تقنية محددة، ولكنه يعني بكل ما يقام به في تغيير أو تعديل المادة الوراثية. ويتفرع من هذا العلم الكثير من التقنيات وهي متناثرة وموزعة على الكثير من فروع الطب والعلوم، ومن أهمها ست تقنيات تختص بالهندسة الوراثية:
- قص وقطع الحمض النووي بمقصاة خاصة تسمى "Restriction Nucleases " واكتشاف هذه المقصاة ساعد كثيرا في مهمة التحكم في الدي إن أي.
- فصل قطع "الدي إن أي" على لوح من الجل بالكهرباء "Gel Electrophoresis".
- معرفة التسلسل النووي "DNA sequencing" لكل قطع الدي إن أي التي يتم عزلها بشكل سريع و دقيق.و التي تسمح للعلماء معرفة التركيب الإنشائي للجينات ومعرفة واستنتاج نوع البروتين الذي ينتج منه.
4- تقنية تهجين الحمض النووي "Nucleic acid hybridization "، والتي مكنتنا من معرفة أحجام القطع من الحمض النووي والكشف عن القطع المحددة من الحمض النووي في خليط معقد من القطع المتشابهة.
5-استنساخ "الدي إن أي" "DNA cloning"، والتي تسمح بإنشاء نسخ عديدة و متطابقة من القطع الدي إن أي.
6-تقنية هندسة أو تعديل "الدي إن أي" "DNA engineering"، والتي تسمح بإنتاج نسخة معدلة من جين ما ثم إعادته مرة أخرى إلى الخلية.
وبالإضافة لمخاطر هذه الكائنات المعدلة وراثيا على الإنسان في حال تناوله لغذاء يحتوي عليها، فإن العلماء يؤكدون أن المشكلة أكبر من ذلك بكثير، فهذه الكائنات والنباتات المعدلة يمكن أن تنتشر في الطبيعة وتتهاجن مع كائنات طبيعية أخرى، مما يؤدي إلى نشأة أنواع جديدة من المخلوقات لا يمكن التكهن بتأثيرها على التوازن الطبيعي، وهذا سيخلف تأثيرات غير متوقعة على صحة البشر وعلى بقية الكائنات الحية الأخرى الحيوانية والنباتية.
تأثيرات خطيرة
شهد العقد الأخير من القرن الماضي ظهور هذه الأغذية بشكل كبير وعلى نطاق عالمي، وقد علل القائمون على إنتاج مثل هذه الأغذية بقولهم أن نقص الغذاء عالميا يتطلب زراعة نباتات معدلة وراثيا، فتم إنتاج بعض الحبوب المعدلة وراثيا كالأرز والبازلاء والقمح والذرة والتي تبين لاحقا أنها يمكن أن تشكل خطرا على من يتناولها.
ففي شهر تشرين الثاني / نوفمبر 2005، أكد فريق للأبحاث في أستراليا أن تناول فئران الاختبار لحبوب البازلاء المعدلة جينيا أدى إلى إحداث ردود فعل تحسسية لديها، والسبب المباشر في ذلك يعزى إلى وجود تغيرات طفيفة على البروتين المعدل جينيا.
وفي عام 2006 تمت الموافقة من قبل اللجنة الأوروبية على إنتاج الذرة الصفراء المهندسة وراثيا والتي عرفت باسم "مون 863" وهي في الأصل من ابتكار إحدى الشركات الأمريكية المتخصصة في التكنولوجيا الحيوية في مونسانتو، ومما يثير الدهشة أن التجارب التي أجريت على هذه الذرة بينت أن فئران الاختبار التي تناولتها قد أظهرت تغيرات في كريات الدم البيضاء لديها وفي حجم الكلى وحدوث تغيرات فسيولوجية في أداء بعض أجهزة جسمها الحيوية والهامة.
وتوالت التجارب والأبحاث، ليتم الكشف عن وجود أحد السموم المعروف باسم cry 1 Ac في أرز مهندس وراثيا يطلق عليه Bt 63، وهذا السم له تأثيرات خطيرة على الفئران ويتوقع الباحثون أن تكون له تأثيرات على الجهاز المناعي لدى الإنسان.
غير أنه بناءً على معلومات قطرية وردت من عدة مصادر، بالاضافة الى المعلومات العلمية المتاحة حاليا، فإن كل من منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية وبرنامج الأغذية العالمي ترى أن استهلاك الأغذية التي تحتوي على كائنات عضوية معدلة وراثياً، ويتم تقديمها كمعونات غذائية فى جنوب القارة الأفريقية، لا تشكل خطراً على صحة الإنسان، لذا فانه في الامكان تناولها. وتؤكد المنظمات المذكورة أنه لم تبلغ بأي من الحالات الموثقة علمياً ما يشير إلى حصول تأثيرات سلبية لهذه الأغذية على صحة الإنسان.
وقد أسالت مشكلة صحة الأغذية المعدلة وراثية الكثير من الحبر وصدرت العديد من الدراسات في شأنها، ومن جهته، أصدر الدكتور عبد العزيز بن إبراهيم العثيمين كتابا تحت عنوان : "الأغذية المعدلة وراثيًا... ما لها وما عليها" وقامت بتوزيعه المجلة العربية التي تصدر في الرياض بالسعودية في مارس/ آذار 2008، حيث قام الباحث بتعريف الهندسة الوراثية وبيّن أنها تعني توفير أغذية جديدة بمواصفات استثنائية تشمل تعزيز القيمة الغذائية والجودة باستخدام تقنيات علم الأحياء وهندسة الجينات، حيث نجد أغذية وفيرة كمًا وكيفًا ومقاومة للآفات الحشرية وعوامل البيئة التي تفتك بالغذاء وتتسبّب في مجاعات عالمية مازالت صورها واضحة في إفريقيا وآسيا والعديد من دول العالم، حيث إن هناك 28 مليون إفريقي يعانون من نقص الغذاء.
إذ تقدر كل من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "فاو" وبرنامج الأغذية العالمي أن 13 مليون شخص في إفريقيا بحاجة إلى معونات غذائية في الأشهر القادمة لتفادي وقوع مجاعة واسعة النطاق ناهيك عن التدهور الخطير في الحالة الصحية والغذائية لسكان البلدان المتضررة.
ثم يُورد الباحث الآراء في الأغذية المعدلة وراثيًا ويُبيّن أن تقرير الأمم المتحدة أكّد أن التكنولوجيا الحيوية تُعدّ الأداة الوحيدة والأمثل في الوقت الحالي لمساعدة المناطق البيئية التي لم تصلها الثورة الخضراء التي يعيش فيها نصف سكان العالم الأكثر فقرًا، كما قال التقرير: "إن النباتات الجديدة المعدلة وراثيًا المحاربة للجفاف والأمراض والآفات" يمكن أن تسهم في انحسار سوء التغذية الذي يعاني منه 800 مليون شخص في العالم، وأضاف التقرير الذي يعد من أهم منشورات برامج الأمم المتحدة للتنمية أن الأولوية يجب أن تعطي لإنتاج أنواع جديدة من الحبوب والنباتات الأخرى الأساسية التي يعيش عليها سكان إفريقيا جنوب الصحراء.
وخلُص التقرير إلى قدرة الدول الغنية على مساعدة الدول الفقيرة عبر مشاطرتها نتائج أبحاثها، مشيرًا إلى بروتوكول قَرْطاجَنَّة حول الأمن الحيوي أوجد آلية تتيح للدول تبادل المعلومات حول النباتات المعدلة وراثيًا. ومن المعلوم أنه قد وقّع على البروتوكول حتى الآن 103 دولة، ولكن لم تُصَادق عليه سوى خمس دول، في حين يحتاج إلى تصديق خمسين منها ليصبح ساري المفعول، وقد شككت إدارة المستهلكين الأمريكيين في قدرة إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية على ضمان سلامة الأغذية المعدلة وراثيًا بعد أن عبّرت عن عجزها في توفير جميع البيانات من شركات التكنولوجيا الحيوية.
وقال مركز العلوم والمصلحة العامة: إن شركات التكنولوجيا الحيوية رفضت تقديم البيانات العلمية التي طلبتها الإدارة عن مجموعة من أنواع الذرة المعالجة وراثيًا لمقاومة الحشرات، ويقول المسؤول العلمي في المركز ومعدّ التحليل: "إنه لا يمكن لإدارة الأغذية والعقاقير بمقتضى الإجراءات القانونية سوى الحصول على البيانات التي تسمح لها الشركات بالحصول عليها، أما عن أخطار الأغذية المعدلة وراثيًا وطرق تلافيها فيقرّر الباحث أنه لم يتضح خطر واضح على الصحة العامة".
ولكن يشير بعض الباحثين وتقارير بعض الهيئات إلى أن هناك احتمالاً لانتقال بعض المورثات من المحاصيل المعدلة وراثيًا إلى المحاصيل المشابهة الطبيعية، وهذا قد لا يكون محكومًا من قبل الشركات المنتجة كما أن عملية نقل الجينات الحاملة لصفة مقاومة للمضادات الحيوية بواسطة بعض أنواع البكتيريا الممرضة قد يجعلها أكثر خطرًا إلا أن ذلك لم يثبت علميًا بعدُ إلا أن المعامل قد أخذت الحيطة حيال ذلك.
رقابة دولية
لتلافي المشكلات الصحية التي تنتج عن المحاصيل المحورة وراثيًا تفرض الهيئات الحكومية في أمريكا وأوروبا على الشركات المنتجة فصلَ المحاصيل العادية والمعدلة وراثيًا ووضع علامات على المنتجات المستجدة، وقد أصدرت كثير من الدول تشريعات وتنظيمات لاستيراد واستخدام وتسويق الأغذية المعدلة وراثيًا.
كما بيّن الباحث أن هناك أكثر من 40 نوعًا من النباتات المعدلة قد استكملت المتطلبات والشروط الحكومية الرسمية لطرحها تجاريًا مثل الطماطم والشمَّام والبنجر وفول الصويا والذرة، وأن هناك ثلاثة عشر بلدًا بدأت بزراعة محاصيل معدلة بالهندسة الوراثية عام 2000، منها الولايات المتحدة الأمريكية والأرجنتين وكندا والصين واستراليا وبلغاريا وفرنسا وألمانيا والمكسيك وجنوب إفريقيا وإسبانيا.
أما عن القوانين المنظمة لاستخدام المحاصيل المعدلة وراثيًا، فقد أورد الباحث بعض مواقف الدول فتكلَّم عن موقف الاتحاد الأوروبي، وبيَّن أنه وافق على تسويق عدد من الأغذية المعدلة وراثيًا بلغ عددها ثمانية منتجات حتى عام 1988، فيما سمحت الصين وأستراليا بتسويق 22 مادة غذائية محتوية على مواد من محاصيل معدلة وراثيًا، بينما تحاول جنوب إفريقيا وأمريكا الجنوبية وضع مواصفات لبطاقات الأغذية المعدلة وراثيًا.
منذ إنتاج أول نبات معدل وراثيا وإلى الآن لم تظهر أخطار واقعية من نتائج تجارب تقرير الصلاحية. ولكن هناك مخاوف بيئية و صحية بعضها افتراضية، ولذا تم وضع الضوابط والنظم واللوائح التى تحكم تداول نباتات الهندسة الوراثية قبل و أثناء و بعد تعديلها. والتكنولوجيا الحيوية والهندسة الوراثية تستطيع القفز بمعدلات الإنتاج أضعاف الطرق التقليدية، بل وتحل مشاكل معقدة يصعب فك رموزها حاليا.
الثلاثاء أكتوبر 20, 2015 1:43 pm من طرف نادية بابل
» اخطر النباتات السمية
الإثنين أكتوبر 19, 2015 3:49 pm من طرف نادية بابل
» مركز اللغات جامعة المدينة العالمية
السبت أغسطس 01, 2015 2:31 am من طرف bi823
» المكتبة الرقمية جامعة المدينة العالمية
السبت أغسطس 01, 2015 2:30 am من طرف bi823
» كلية العلوم المالية والإدارية جامعة المدينة العالمية
السبت أغسطس 01, 2015 2:30 am من طرف bi823
» مجلة جامعة المدينة العالمية المحكمة
السبت أغسطس 01, 2015 2:30 am من طرف bi823
» كلية العلوم الإسلامية جامعة المدينة العالمية
السبت أغسطس 01, 2015 2:30 am من طرف bi823
» وكالة البحوث والتطوير جامعة المدينة العالمية
السبت أغسطس 01, 2015 2:29 am من طرف bi823
» معهد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها جامعة المدينة العالمية
السبت أغسطس 01, 2015 2:29 am من طرف bi823